اصل الرحمة وباب التوبة


إنَّ من أجلّ النعم الإلهية وأعظم المنن الربانية التي يتفضل بها الخالق على خلقه ، هي نعمة الستر الإلهي . 

هذه الصفة العظيمة ، التي تنم عن كمال الرحمة وجود الكرم المطلق ، هي سياج الأمان الذي يحيط بالعبد في دنياه ، وهي دعوة دائمة للتوبة والرجوع .

فالله عز وجل ، الستِّير ، لا يفضحنا على رؤوس الأشهاد بزلاتنا ، بل يمهلنا ، ويغطي عيوبنا ، ويجعلُنا نعيش في كنف الأمن من الفضيحة ، برغم تقصيرنا . 

هذا الستر ليس مجرد إخفاء لذنب ، بل هو تجلٍّ لرحمة واسعة ، توجب علينا الشكر العميق والتأمل في عظمة الخالق .

ولأهمية هذا المعنى في حياتنا ، نتوقف عند هذه المجموعة من الحكم والمقولات التي تسلط الضوء على قيمة ستر الله علينا ، وكيف يجب أن ينعكس هذا الكرم الإلهي على تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين .

1. "لو كُشف للعباد ما ستره الله عنهم من العيوب ، لما تقاربوا محبةً ولا تصافحوا وداً" . 

(تشير إلى أهمية الستر في بقاء الألفة بين الناس) .

2. "الستر الحقيقي هو أن تذنب ليلاً ، فيسترك الله ، وتصبح وقد نسيت الذنب ، فيغفر لك الله ولا يُذكرك به أحد" .

3. "ستر الله عليك في الدنيا هو دعوة لأن تستر على إخوانك ، فـالجزاء من جنس العمل" .

4. "لا تغتر بكثرة الطاعات ، فرب معصية كانت سبباً في ستر ، ورب طاعة كانت سبباً في كشف " . 

العبرة بالإخلاص والمداومة .

5. "أعظم كرم يُنعم به الله على العبد هو أن يجعل ستره عليه سابقاً لندمه ، لا لاحقاً لمعصيته" .

6. "لو عرف الناس قدر ستر الله عليهم ، لقضوا حياتهم سجوداً وشكراً على نعمة السِتر وحدها" .

7. "لا تخف من زلاتك أمام الناس ، بل خوف من أن يسلبك الله نعمة الستر ، فالقلوب بيده وهو الساتر العليم" .

8. "كن ساترًا لمن أخطأ في حقك لتنال ستر الله الذي وسع كل شيء" .

9. "إذا رأيت الله يستر عليك وأنت تعصيه ، فاعلم أن هذه دعوة منه للتوبة والرجوع ، فبادر قبل فوات الأوان" .

10. "ستر الله على عبده ليس إهمالاً للذنب ، بل هو إمهال وفرصة لإصلاح السر ، فمن أصلح سريرته أصلح الله علانيته" .

وبعد أن تأملنا هذه الحكم العميقة ، يتجلى لنا أن ستر الله عز وجل هو الركيزة التي يقوم عليها صلاح أحوالنا ، وهو الدعامة التي تحفظ كرامتنا . 

إنه ليس تفضلاً عابراً ، بل هو أساس لائق بنا أن نُقابله بالخجل الجميل ، والشكر الدائم ، وحسن العمل .

إن استشعار هذه النعمة يلزمنا بأمرين :

  • المبادرة بالتوبة الخالصة ، قبل أن يُرفع الستر .
  • أن نكون ساترين على إخواننا ، كما ستر الله علينا ، فمن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة .

فلنجعل من حياتنا مرآة تعكس هذا الكرم الإلهي ؛ سرائرنا نقية ، وأفعالنا حميدة ، وألسنتنا عفيفة . 

ونسأل الله الستير أن يديم علينا نعمة ستره في الدنيا والآخرة ، وأن يختم لنا بجميل عفوه وكرمه .

مدونة قوافل الود

تعليقات